Monday, July 30, 2007

صرخة لكل أم... فهل من مجيب؟

صغيرات يستبقن الأنوثة ويحرقن الطفولة
وسط ترحيب من الأهل وترويج صناع الموضة.. وصمت المجتمع

ملحوظة قبل القراءة...
هذا الموضوع كان يشغل خلدي من فترة طويلة و كنت اتعجب ملا ارى عليه الفتيات الصغيرات و اتعجب اكثر لان ما اراه بموافقة الأهل بل و بتشجيع منهم
و أرى صور الأطفال في الغرب و اتعجب مرة أخرى من أين جاء كل هذا إذا كان مصدرو الموضة لا يتبعونها
ومنذ متى أصبحت القواعد و الأسس و الأصول لا مكان لها...
وبعكس ما قد تفهمونه من المقال فإن الأفراد العاديين في الدول الاوروبية و أمريكا لا يسمحون بذلك لاولادهم و قد رأيت مشكله حول هذا الموضوع في إحدى القنوات الغربية... فهم مازالوا يقولون لاولادهم ... هذا لا يصح بعكس ما نقوله لأولادنا ( وماله يا حبيبتي هي بنت فلانة أحسن منك!!!!!)
علامات إستفهام كثيرة و لنقرأ معا المقال


فرح، فتاة لم تتعد سنواتها الخمس، تبدو ـ لولا صغر قامتها ـ وكأنها امرأة في سن الشباب، فثيابها تكشف أكثر مما تخفي، غير تاركة لبراءة سنها حيزا لتظهر، ولا لطيش طفلة أن يعبّر عن ذاته بعفوية مطلقة، فضلا عن أن الذهبي الذي يحتل عرش الموضة هذا العام، يجعلها تبدو كصبية تسعى لاستقطاب الأنظار في أمسية عامرة!.

ولا يختلف حال فرح عن الكثيرات من أطفال جيلها من البنات، والحديث عن تبرج الصغيرات، خاصة في الأعياد والمناسبات، حيث الأظافر الصغيرة مقلمة والشفاه ملونة والعيون مطلية بالظلال، يأخذنا إلى ظاهرة مخجلة بدأت تتمدد وتنتشر بسرعة في بعض طبقات المجتمع العربية، صغيرات يستبقن أنوثتهن ويحرقن الطفولة الجميلة. عن هذه الظاهرة، تقول الدكتورة سوزان أبو رجيلي، اختصاصية العلوم التربوية في جامعة القديس يوسف: "الأسباب مختلفة، البعض يرغب في أن يكبر أطفاله بسرعة ليرى صورته تتحقق فيهم، وثمة من يتأثروا بالموضة والجيران وبما هو رائج أو يقلدوا نماذج معينة في وسائل الإعلام. ان الدوافع متعددة، لكن النتيجة واحدة وهي سلبية ويتحملها الطفل، فتاة كان أو صبيا. فبالتأكيد أن الصغير الذي يعامل بهذه الطريقة لن يعيش طفولته كما يفترض به أن يفعل. والأهل يحرقون هذه المرحلة من دون أن يعوا أخطارها اللاحقة، إذ صحيح أن الطفولة فترة قصيرة، لكنها تحدد شخصية الإنسان المستقبلية. فهم يفرضون على صغارهم أن يخوضوا تجاربهم لا أن يدعوا الطفل يعيش تجاربه الخاصة فيعاملونه كشخص بالغ. فلا تتشكل صورة الذات بشكل طبيعي عند هذا الطفل، ذلك انها لا تأخذ متسعا من الوقت لتتكون".

وتشير أبو رجيلي إلى أن "الأهل وتحديدا الأم، التي تعامل ابنتها الصغيرة كصبية راشدة وتلبسها بشكل يستبق سنها، تريد بذلك أن تعوّض نقصا معينا لأنها عاشت في بيئة محافظة أو متشددة لم تترك لها متسعا من الحرية أو متنفسا لتعبر عن ذاتها وحرمت من أشياء تعتقد أنها تمنحها الآن لطفلتها بهذه الطريقة"، وتكمل "عنصر آخر هو ثقافة مجتمعاتنا الشرقية التي تشدد على أن المظهر يعكس قيمة الإنسان. فصحيح أن الأفكار محافظة، لكنها تبالغ في التركيز على المظهر. واللافت أن التحرر في اللباس لا يقابله تحرر طبيعي في الأفكار، فحين يبدأ الطفل أو الطفلة بالسؤال عن أمور معينة متعلّقة بالتربية الجنسية، يواجه بالصمت ومحاولات التعتيم"، وتتابع: "يجب أن ننتبه إلى أن المظهر لا يشكل إلا وجها من أوجه هذه التربية الخاطئة. فالطفلة التي يلبسها أهلها بطريقة لا تعكس سنها، بالتأكيد هم يعاملونها على أنها بالغة، فيقولون لها مثلا أن تساعد امها في تدبير شؤون المنزل وتتحمّل مسؤوليات معينة. ولان الفتاة تسمع دوما أنها كبيرة وتعامل على هذا الأساس، نسمعها تردد أنا كبيرة ولا أحب اللعب لان اللعب للصغار. و هذا الامتناع خطير جدا لأنه سيمنعها من التفاعل مع نماذج معينة كالمعلمة والأم والممرضة والطبيبة وسيمنعها من الاحتكاك مع رفاق جيلها بشكل سليم والتفاعل معهم، فضلا عن أن الحركات العفوية ضرورية لتنمية جسم الطفل".

وتستطرد: "لندع الصغيرات يكن فتيات قبل أن يصبحن نساءً، فإن لم يعشن الطفولة السليمة لن يبلغن أنوثة طبيعية لأنهن سيواجهن لاحقا أسئلة عن الهوية وصورة الذات. فأحيانا نرى نساء متزوجات ولديهن أطفال يعدن النظر بكل حياتهن أو تتحكم المزاجية في علاقاتهن مع الآخرين، فيتسمن بعدم النضج الاجتماعي لأنهن يعدن إلى عيش طفولتهن بطريقة لا واعية. كذلك ستواجه هذه الفتاة مشكلات في علاقتها مع الجنس الآخر، لأنها سترتدي حتما الملابس التي درجت منذ صغرها على ارتدائها، وهذا قد لا يعجب الشريك أو سيعرضها للمعاكسات من دون أن تعي السبب".

أما الدكتورة ردنة نجم، اختصاصية علم النفس العيادي، فترى ان "المشكلة تكمن في تقاعس الأهل عن تأدية أدوارهم". وتشدد على "ضرورة أن يجيدوا وضع الضوابط لبناتهم وأبنائهم، فمن المهم أن يعرفوا متى يقولون لا وكيف يثبتون على موقفهم. كذلك يجب ألا يغيروا في سلم الممنوع والمسموح فيعدلونه ويطوعونه تحت ضغط أطفالهم وبكائهم وإصرارهم. فمن الخطأ أن تؤدي الأم أو الأب دور الصديق أو الشقيق، وهذا ما خلصت إليه الجمعية الأميركية لعلم النفس بعد دراسة أجرتها عن انعكاسات انفتاح الأهل على أولادهم ظنا منهم أنهم يعطونهم ثقة اكبر بالنفس. فقد تبين العكس، وهو أنهم يحملون أطفالهم مسؤوليات وهموما اكبر من طاقتهم".

وأشارت إلى أن "هذه الظاهرة منتشرة في كل المستويات الاجتماعية، فدور الأزياء العالمية بدأت تصمم للأطفال ملابس تشبه تلك المخصصة للكبار. فتلبس طفلة السبع سنوات ما هو لفتاة في الثانية عشرة، وهذه الأخيرة تلبس ما هو للراشدة. إن لهذه التصاميم التي تلغي الفروق بين الأعمار انعكاسات سلبية على نفسية الطفل ونشأته. في المقابل، نلاحظ أن الأهل يفرحون بمظهر طفلهم الجميل ويتحمسون ليلبسوه كراشد أو مراهق او حتى كنجم عالمي، ويبالغون في كلمات الإعجاب بالمظهر والتشديد على أهميته. كذلك ان الدمى تغيّر شكلها، فبعضها تغطى بملابس فاضحة جدا وحتى ملابس داخلية مزخرفة فضلا عن التبرج. هذه الأمور مجتمعة تلغي قسما كبيرا من الطفولة وتحرقها عبر تحريك أحاسيس لدى الطفل ليست له، ومن المبكر جدا أن يشعر بها، لا بل إنها تولّد أحاسيس ليس من المفترض أن تكون لدى الذين ينظرون إلى الطفل".

وأخيرا، حدثتنا عالمة الاجتماع والمستشارة في شؤون الأسرة، الدكتورة مي سبع قائلة: "الأهل يلقون اللوم على أطفالهم في محاولة للتهرب من المسؤولية، فيقولون إنهم لا يقدرون على ضبط أولادهم، لكن الواقع أن الطفل لا يستطيع فرض شيء على أهله إذا لم يرضخوا هم. كذلك كيف لطفلة أن تطلب ارتداء هذه الملابس إذا لم تر نماذج معينة في محيطها كأمها مثلا أو في وسائل الإعلام؟، فأصبح من الشائع أن نرى طفلة صغيرة تتزين وتتأنق تماما مثل أمها أو مراهقة ترتدي وأمها الملابس نفسها. السبب الرئيسي يعود إلى أن الأهل وتحديدا الأم، التي تبدي ردة فعل عما حرمت منه في صغرها وكأنها تنفس هذا الكبت أو تعوضه فتحوّل طفلتها امرأة صغيرة. ولدى توعية الأم على الانعكاسات السلبية المستقبلية لهذا الأمر، تجيب أنها ستمنعها عندما تكبر من التأنق بهذا الشكل، لكنها تجهل أنها ستعجز عن فرض ملابس معينة على ابنتها وأنها ستواجه مشكلات معها في مرحلتي المراهقة والشباب. المشكلة أن الأوروبيين يصممون الملابس ونحن نلبسها، وهم لا يبالغون في مظهرهم اليومي في المقابل. أراقب الطالبات وأراهن يأتين منتعلات أحذية يتعدى ارتفاع كعوبها العشرة سنتيمترات ومرتديات ملابس ضيقة وملتصقة بالجسم، فضلا عن التبرج المبالغ فيه وكأنهن ذاهبات إلى سهرة وذلك بدلا من ارتداء الملابس المريحة والأحذية الرياضية مثلا. إنهن تعودن الاعتناء بمظهرهن أكثر مما يجب، ذلك أنهن تربين على ثقافة لفت الأنظار ونيل الإعجاب، ويجهلن أن هذا اللباس يوحي بأمور لا تليق بحقيقتهن".


No comments: